حظر وسائل التواصل للصغار بأستراليا يفتح نقاشاً حقوقياً حول تأثيرها على عقولهم

حظر وسائل التواصل للصغار بأستراليا يفتح نقاشاً حقوقياً حول تأثيرها على عقولهم
مواقع التواصل تمثل خطورة على الأطفال

أعاد القرار الأسترالي بحظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عامًا إشعال الجدل العلمي والحقوقي حول حدود تدخل الدولة في حياة الشباب، وسط انقسام بين من يعتبر الخطوة حماية ضرورية للصحة النفسية ومن يراها إجراءً مبالغًا فيه قد يحمل آثارًا عكسية.

وينقسم الباحثون والخبراء النفسيون حول الأدلة العلمية التي تستند إليها أستراليا في قرارها حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للمراهقين دون سن السادسة عشرة، غير أن عددًا منهم يرى في هذا القرار تجربة غير مسبوقة لفهم التأثيرات العميقة لهذه المنصات الرقمية على نمو أدمغة الأطفال وسلوكهم النفسي والاجتماعي، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الاثنين.

ومن المقرر أن يدخل الحظر حيّز التنفيذ في 10 ديسمبر، وهو ما اعتبره مؤيدوه خطوة وقائية ضرورية في ظل الاستخدام المفرط للهواتف الذكية بين فئة المراهقين، حيث يمضي كثير منهم ساعات طويلة يوميًا في تصفح المنصات الاجتماعية، الأمر الذي يرتبط -بحسب دراسات متعددة- بتدهور الصحة النفسية وزيادة الشعور بالقلق والاكتئاب والعزلة.

أدمغة في طور النمو

وأوضحت عالمة النفس إيمي أوربن، المشرفة على برنامج للصحة النفسية في جامعة كامبريدج، أن أدمغة المراهقين تظل في طور النمو حتى سنوات العشرين الأولى، ما يجعلها أكثر عرضة للتأثر بالمحفزات الرقمية السريعة والمستمرة. 

وأشارت إلى أن الكمّ الكبير من الدراسات القائمة على الملاحظة يربط بين الاستخدام المكثف للتكنولوجيا وبين التراجع الملحوظ في الحالة النفسية للمراهقين.

ورغم ذلك، أقرت أوربن بصعوبة الوصول إلى نتائج حاسمة بسبب التشابك العميق للتكنولوجيا في الحياة اليومية، وبسبب ميل بعض الشباب الذين يعانون من مشكلات نفسية أصلًا إلى استخدام منصات التواصل كوسيلة للهروب أو البحث عن الدعم. 

لكنها شددت على أن القرار الأسترالي سيوفر فرصة عملية نادرة لمقارنة البيانات قبل الحظر وبعده.

أضرار الإفراط في الاستخدام

في السياق ذاته، كشفت منظمة الصحة العالمية في دراسة استقصائية حديثة أن 11% من المراهقين يعانون صعوبة في التحكم بمدة استخدامهم لوسائل التواصل، بينما ربطت دراسات أخرى بين الإفراط في الاستخدام واضطرابات النوم، وتشوه صورة الجسد، وارتفاع معدلات القلق والاكتئاب.

ودعت بعض الأصوات الأكاديمية إلى تحرك فوري بدل انتظار أدلة علمية “قاطعة”. وقال الطبيب النفسي الأسترالي كريستيان هايم إن القضية ليست علمية فحسب، بل تمس منظومة القيم والمبادئ، مشيرًا إلى مخاطر مثل التنمر الإلكتروني، والوصول إلى محتوى يشجع على إيذاء النفس أو الانتحار، واستشهد بدراسة عصبية ربطت الإدمان على بعض تطبيقات المراسلة بتغيرات في بنية الدماغ.

وفي المقابل، حذّر معارضو القرار من أن الحظر قد يكون “أداة شديدة التطرّف”، مؤكدين أن القلق المتزايد لدى الشباب لا يرتبط فقط بوسائل التواصل، بل تعود أسبابه أيضًا إلى تداعيات جائحة كورونا، والصراعات المسلحة العالمية، وحالة عدم الاستقرار العام.

اللجوء لمنصات بديلة

من جانبه، أشار أكسل برونز، أستاذ الإعلام الرقمي في جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا، إلى أن الحظر قد يدفع المراهقين للجوء إلى منصات بديلة أكثر خطورة وتطرفًا، كما قد يحرم فئات مهمشة من مساحات رقمية توفر لها الدعم والتعبير عن الذات.

ورغم كل التحذيرات، أظهر استطلاع للرأي أن أكثر من ثلاثة أرباع الأستراليين يدعمون القرار، حيث قال رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي بوضوح إن “وسائل التواصل الاجتماعي تضر بأطفالنا”.

وعلى النهج ذاته، أعلنت سنغافورة أنها ستشدد القيود على استخدام الهواتف والساعات الذكية في المدارس الثانوية بدءًا من يناير المقبل، في إطار مسعى عالمي متصاعد للحد من التشتيت الرقمي وتعزيز الصحة النفسية لدى الطلاب.

وأكدت وزارة التعليم السنغافورية أن الهدف هو خلق بيئة تعليمية أكثر تركيزًا، تُعزز التفاعل الاجتماعي الطبيعي، وتحمي الطلاب من الاعتماد المفرط على الشاشات.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية